فصل: سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة إحدى وتسعين وخمس مائة:

فيها كانت وقعة الزلاقة بالأندلس بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين الفنش المتغلب على أكثر جزيرة الأندلس.
فدخل يعقوب وعدي من زقاق سبتة في مائة ألف وأما المطوعة فقل ما شئت.
وأقبل الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفًا.
فانتصر الإسلام وانهزم الكلب في عدد يسير وقتل من الفرنج كما أرخ أبو شامة وغيره مائة ألف وستة وأربعون ألفًا وأسر ثلاثون ألفًا وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها حتى أبيع السيف بنصف درهم والحصان بخمسة دراهم والحمار بدرهم وذلك في تاسع شعبان.
فهؤلاء جاهدوا.
وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الأفضل.
فنجد الأفضل عمه العادل.
فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل.
وفيها توفي ذاكر بن كامل الخفاف البغدادي أخو المبارك.
سمعه أخوه من أبي علي الباقرجي وأبي علي بن المهدي وابي سعد بن الطيوري والكبار وكان صالحًا خيرًا صوامًا توفي في رجب.
وأبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي المصري الفقيه النحوي.
قرأ القراءات على ابن الحطئة وسمع من جماعة وتصدر بجامع مصر وتوفي في ربيع الآخر.
وآخر أصحابه الكمال الضرير.
وأبو محمد بن عبيد الله الحجري الأندلسي الحافظ الزاهد القدوة أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن علي عبد الله بن عبيد الله المريي.
ولد سنة خمس وخمس مائة.
قرأ الصحيح للبخاري عن شريح وسمع فأكثر عن أبي الحسن بن مغيث وابن العربي والكبار وتفنن في العلوم وبرع في الحديث وطال عمره وشاع ذكره.
وكان قد سكن سبتة فاستدعاه السلطان إلى مراكش ليسمع منه.
توفي في أول صفر.

.سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة:

فيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصرا دمشق مدة ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لهما فدخلا في رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل بدمشق وخطب بها للعزيز قليلًا.
وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين بن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل.
وفيها سار خوارزم شاه علاء الدين فوصل إلى همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد ويكون سلطانًا بها مع الناصر.
فانزعج الناصر والرعية وغلت الأسعار.
وفيها التقى يعقوب صاحب المغرب والفنش فهزمه أيضًا يعقوب ولله الحمد.
وساق وراءه إلىطليطلة وحاصره وضربها بالمجانيق.
فخرجت والدة الفنش وحريمه وبكين بين يدي يعقوب فرق لهن ومن عليهن.
ولولا ابن غانية الملثم وهيجه ببلاد المغرب لافتتح يعقوب عدة مدائن وفيها توفي أحمد بن طارق أبو الرضا الكركي ثم البغدادي التاجر المحدث.
سمع من ابن ناصر وأبي الفضل الأرموي وطبقتهما فأكثر ورحل إلى دمشق ومصر وهو من كرك نوح.
وكان شيعيًا جلدًا.
والشيخ السديد شيخ الطب بالديار المصرية شرف الدين عبد الله بن علي.
أخذ الصناعة عن الموفق بن العين زربي.
وخدم العاضد صاحب مصر ونال الحرمة والجاه العريض.
وعمر دهرًا.
أخذ عنه نفيس الدين بن الزبير.
وحكي بعضهم أن الشيخ السديد حصل له في يوم واحد ثلاثون ألف دينار.
وحكي عنه ابن الزبير تلميذه أنه طهر ولدي الحافظ لدين الله فحصل له من الذهب نحو خمسين ألف دينار.
وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد الصابوني المالكي الخفاف الحنبلي أبو محمد الضرير.
سمعه أبوه من أبي علي الباقرحي وعلى بن عبد الواحد الدبنوري وطائفة.
توفي في ذي الحجة.
وأبو الغنائم بن المعلم شاعر العراق محمد بن علي بن فارس الواسطي.
توفي في رجب وقد نيف على التسعين.
وابن القصاب الوزير الكبير مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي البغدادي المنشىء البليغ.
وزر وسار بالعساكر ففتح همذان وإصبهان وحاصر الري وصارت له هيبة وعظمة في النفوس.
توفي بظاهر همذان في شعبان وقد نيف على السبعين ورد العسكر.
فلما جاء خوارزم شاه بيته وحز رأسه وطوف به بخراسان.
والمجير الإمام أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأذكياء والمناظرين تفقه على أبي منصور بن الرزاز وأخذ علم النظر عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الأسفراييني وصار المشار إليه في زمانه والمقدم على أقرانه.
حدث عن ابن الحصين وجماعة.
ودرس بالنظامية.
وكان ذكيًا طوالًا نبيلًا غواصًا على المعاني.
قدم دمشق وبنيت له مدرسة جاروخ ثم توجه إلى شيراز وبني له ملكها مدرسة ثم أحضره ابن القصاب وقدمه.
ويوسف بن معالي الأطرابلسي ثم الدمشقي الكتاني البزاز المقرئ.
روى عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة.
توفي في شعبان.

.سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة:

في شوال افتتح العادل يافا عنوة.
وكان لها مدة في يد الفرنج.
وفيها أخذت الفرنج من المسلمين بيروت.
وهرب أميرها عز الدين سامة إلى صيدا.
وفيها توفي سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب بن شاذي أرسله أخوه صلاح الدين فتملك اليمن.
وكان بها نواب أخيهما شمس الدولة.
أنشأها في شوال وتملك بعده ابنه إسماعيل الذي سفك الدماء وظلم وعسف وادعى أنه أموي.
وأبو بكر بن الباقلاني مقرىء العراق عبد الله بن منصور ابن عمران الربعي الواسطي تلميذ أبي العز القلانسي وآخر أصحابه.
روى الحديث عن خميس الجوزي وأبي عبد الله البارع.
وطائفة.
توفي في سلخ ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة وثلاثة أشهر.
والجلال عبيد الله بن يونس البغدادي الوزير.
تفقه وقرأ الأصول والكلام وقرأ القراءات على أبي العلاء العطار وسمع من أبي الوقت وصنف كتابًا في الكلام والمقالات ثم توكل لأم الخليفة ثم توفي وعظم قدره وولي وزارة الناصر لدين الله والتقى طغريل فانكسر عسكر الخليفة وجرت لابن يونس أمور ونجا.
وقدم بغداد فاختفى ثم ظهر وولي الأستاذ دارية ثم حبس حتى مات.
وقاضي القضاة أبو طالب علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن النجاري البغدادي الشافعي.
سمع من أبي الوقت وولي القضاء سنة اثنتين وثمانين ثم عزل ثم أعيد سنة تسع وثمانين.
ومحمد بن حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم بن محمد أبو المعمر الحسيني الزيدي الكوفي.
سمع من جده.
وهو آخر من حدث عن أبي النرسي.
وكان رافضيًا.
وناصر بن محمد الزيرج أبو الفتح الإصبهاني القطان.
روى الكثير عن جعفر الثقفي وإسماعيل بن الفضل الإخشيد.
وخلق.
توفي في ذي الحجة.
أكثر عنه الحافظ ابن خليل.
ويحيى بن أسعد بن بوش أبو القاسم الأزجي الحنبلي الخباز.
سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي.
وأبي سعد بن الطيوري وأبي علي الباقرجي وطائفة.
وكان عاميًا.
مات شهيدًا.
غص بلقمة فمات في ذي القعدة عن بضع وثمانين سنة.
له إجازة من ابن بيان.

.سنة أربع وتسعين وخمس مائة:

فيها استولى علاء الدين خوارزم شاه تكش على بخارا.
وكانت لصاحب الخطا لعنه الله.
وجرى له معه حروب وخطوب.
ثم انتصر تكش.
وقتل خلق من الخطا.
وفيها نازل العادل ماردين وحاصرها أشهرًا.
وفيها توفي أبو علي الفارسي الزاهد واسمه الحسن بن مسلم زاهد العراق في زمانه.
تفقه وسمع من أبي البدر الكرخي.
متبتلًا في العبادة كثير البكاء دائم المراقبة.
يقال إنه من الأبدال.
زاره الخليفة الناصر غير مرة.
توفي في المحرم وقد بلغ التسعين.
وصاحب سنجار الملك عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود بن أتابك زنكي.
تملك حلب بعد ابن عمه الصالح إسماعيل.
فسار السلطان صلاح الدين ونازله ثم أخذ منه حلب وعوضه بسنجار فملكها إلى هذا الوقت ونجد صلاح الدين على عكا.
وكان عادلًا متواضعًا موصوفًا بالبخل.
وتملك بعده ابنه قطب الدين محمد.
وأبو الفضائل الكاغدي الخطيب عبد الرحيم ابن محمد الإصبهاني المعدل.
روى عن أبي علي الحداد وعدة.
توفي في ذي القعدة.
وعلي بن سعيد بن فاذشاه أبو طاهر الإصبهاني.
روى عن الحداد أيضًا.
ومات في شهر ربيع الأول.
وقوام الدين بن زبادة يحيى بن سعيد بن هبة الله الواسطي ثم البغدادي.
صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ومن انتهى إليه رئاسة الترسل مع معرفته بالفقه والأصول والكلام والنحو والشعر.
أخذ عن ابن الجواليقي وحدث عن علي بن الصباغ والقاضي الأرجاني.
وولي نظر واسط.
ثم ولي حجابة الحجاب.
ثم الأستاذ دارية وغير ذلك.
توفي في ذي الحجة.

.سنة خمس وتسعين وخمس مائة:

فيها بعث الخليفة خلع السلطنة إلى خوارزم شاه.
وفيها أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين.
وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف.
وذلك أنه قدم هراة ونال إكرامًا عظيمًا من الدولة.
فاشتد ذلك على الكرامية.
فاجتمع يومًا هو والقاضي الزاهد مجد الدين ابن القدوة فتناظرا ثم استطال فخر الدين علي ابن القدوة وشتمه وأهانه.
فلما كان من الغد جلس ابن عم مجد الدين فوعظ الناس وقال: {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} أيها الناس.
لا نقول إلا ماصح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما قول أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها.
فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الأسلام يذب عن دين الله وبكى فأبكى الناس.
وضجت الكرامية وثاروا من كل ناحية وحميت الفتنة.
فأرسل السلطان الجند وسكنهم.
وأمر الرازي بالخروج.
وفيها كانت بدمشق الحافظ عبد الغني.
وكان أمارًا بالمعروف داعية إلى السنة.
فقامت عليه الأشعرية وأفتنوا بقتله.
فأخرج من دمشق طريدًا.
وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي.
فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل.
فسار من صرخا إلى مصر وعمل نيابة السلطنة.
ثم سار بالجيوش ليأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب.
ووقع الحصار.
ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة.
وفيها توفي عبد الخالق بن هبة الله أبو محمد الحريمي بن البندار الزاهد.
روى عن ابن الحصين وجماعة.
قال ابن النجار: كان يشبه الصحابة.
مارأيت مثله.
توفي في ذي القعدة.
والملك العزيز أبو الفتح عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر.
توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة.
وكان شابًا مليحًا ظريف الشمائل قويًا ذا بطش وأيد وكرم وحياء وعفة.
بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ثم وفق فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها.
وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق.
وابن رشد الحفيد.
هو العلامة أبو الوليد محمد بن أحمد بن العلامة المفتي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي.
أدرك من حياة جده شهرًا سنة عشرين.
تفقه وبرع وسمع الحديث وأتقن الطب.
ثم أقبل على الكلام والفلسفة حتى صار يضرب به المثل فيها.
وصنف التصانيف مع الذكاء المفرط والملازمة للاشتغال ليلًا ونهارًا.
وتواليفه كثيرة في الفقه والطب والمنطق الرياضي والطبيعي والإلهي.
توفي في صفر بمراكش.
وأبو جعفر الطرطوسي محمد بن إسماعيل الإصبهاني الحنبلي.
سمع أبا علي الحداد ويحيى بن منده وابن طاهر ومحمود بن اسماعيل وطائفة.
وتفرد في عصره.
توفي في جمادى الآخرة عن وأبو بكر بن زهر محمد بن عبد الملك بن زهر الأيادي الإشبيلي شيخ الطب وجالينوس العصر.
ولد سنة سبع وخمس مائة وأخذ الصناعة عن جده أبي العلاء زهر بن عبد الملك.
وبرع ونال تقدمًا وحظوة عند السلاطين وحمل الناس عنه تصانيفه.
وكان جوادًا ممدحًا محتشمًا كثير العلوم.
قيل إنه حفظ صحيح البخاري كله وحفظ شعر ذي الرمة.
وبرع في اللغة.
توفي بمراكش في ذي الحجة.
والجمال أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد الإصبهاني الخياط.
روى عن الحداد ومحمود الصيرفي وحضر غانمًا البرجي وأجاز له عبد الغفار الشيروي توفي في شوال.
ومنصور بن أبي الحسن الطبري أبو الفضل الصوفي الواعظ.
تفقه وتفنن وسمع من زاهر الشحامي وعبد الجبار الخواري وجماعة.
وهو ضعيف في روايته لمسلم عن الفراوي.
توفي بدمشق في ربيع الآخر.
وجمال الدين بن فضلان العلامة أبو القاسم يحيى بن علي البغدادي الشافعي.
عاش ثمانين سنة.
وروى عن أبي غالب ابن البنا.
وكان من أئمة علم الخلاف والجدل مشارًا إليه في ذلك.
ارتحل إلى محمد بن يحيى صاحب الغزالي مرتين.
وكان يجري له وللمجير البغدادي بحوث ومحافل.
توفي في شعبان.
والمنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي الملقب بأمير المؤمنين.
بويع سنة ثمانين بعد أبيه وسنة اثنتان وثلاثون سنة.
وكان صافي اللون جميلًا أعين أفوه أقنى أكحل مستدير اللحية ضخمًا جهوري الصوت جزل الألفاظ كثير الإصابة بالظن والفراسة خبيرًا ذكيًا شجاعًا محبًا للعلوم كثير الجهاد ميمون النقيبة ظاهري المذهب معاديًا لكتب الفقه والراي.
أباد منها شيئًا كثيرًا بالحريق.
وحمل الناس على التشاغل بالأثر.